جائزة نوبل للأبحاث العلمية الأكثر طرافة في العالم . غريب جدا
لا يقف العلم عند حد المعرفة فقط لكنه يمكن أن يكون وسيلة لإثارة البهجة و الضحك إلى جانب إثارة العقل للتفكير و الإبداع. وفي كل عام تشهد دولة السويد حفل توزيع الجائزة الأشهر والأهم و الأرفع عالميا وهي جائزة “نوبل” (Nobel Prizes) والتي تمنح للعلماء الذين قدموا مساهمات بارزة للمعرفة الإنسانية. وقد يبدو العلم للكثيرين ذو طبيعة جافة تفتقر إلى روح الدعابة و لكن جائزة نوبل للأبحاث العلمية الأكثر طرافة تثبت عكس ذلك.
“اضحك أولا ثم فكر” هذا هو شعار جائزة (Ig nobel) للأبحاث العلمية الأكثر طرافة… فهي جائزة تسعى إلى عرض الأفكار والأبحاث العلمية الطريفة، والغريبة والمثيرة للجدل في آن واحد. و تسعى الجائزة إلى تشجيع الخيال العلمي و جذب الانتباه أكثر نحو الاهتمامات العلمية في الطب، العلوم والتكنولوجيا.
يقام الاحتفال بهذه الجائزة في حفل سنوي على مسرح “سانديرز” بجامعة “هارفارد” (Harvard’s Sanders Theatre) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتنظمها مجلة علمية ساخرة تدعى (Annals of Improbable Research)، وتسلم الجائزة لعشر متسابقين سنويا منذ بداية ظهورها في عام 1991.
وتمنح الجوائز في تخصصات العلوم المختلفة التي تجمع بين العلوم الأساسية والعلوم الإنسانية؛ الكيمياء، والفيزياء، والفسيولوجي، والطب، وعلم النفس، والأدب، والأحياء، والرياضيات، والسلام والأمن العام. ويكون هناك فائز واحد في كل فرع من هذه الفروع .
والأبحاث العلمية المشاركة تتنوع بين البساطة والتعقيد ولكن العامل المشترك بينها هو الغرابة والطرافة. ويمنح كل متسابق ستون ثانية على المسرح لعرض بحثه أو فكرته من أجل تعريف الجمهور بها، ومن جانبهم يتميز الحضور بارتداء الملابس الغريبة التي توحي بأجواء حفل تنكري ويسود الحفل جو من المرح و المزاح الدائم في كل تفاصيله.
والآن نأخذك في جولة للتعرف على الجوائز الممنوحة في الحفل الأخير الذي أقيم في التاسع و العشرين من سبتمبر من عام 2011، حيث كانت جائزة علم الأحياء حول بحث غريب عن مشاهدة ذكور أحد أنواع الخنافس التي تعيش في أستراليا التي دائما تخطئ التمييز بين الإناث وبعض أنواع زجاجات البيرة من أجل التزاوج.
أما بحث جائزة الكيمياء فقد تضمن تحديد التركيز المناسب لنوع من النباتات يسمى (Wasabi) لاستخدامه في إيقاظ النائمين في حالات الطوارئ و الحريق بل والاتجاه إلى إنتاج ما يسمى انذار “واسابي” ضد الحريق، و قد حصل الجهاز على براءة اختراع من الولايات المتحدة الأمريكية. أما الجائزة الخاصة بالأدب فكانت حول نظرية تدعى “نظرية المماطلة المنظمة” (Theory of Structured Procrastination) والتي تقول “إذا كنت تود أن تقوم بإنجازات كبيرة، فعليك القيام بعمل مهم كطريقة لتجنب القيام بعمل أكثر أهمية !”.
أما عن جائزة الرياضيات فلم يكن الغريب بها هو موضوع البحث الفائز بل كان اللافت للنظر هو المجموعة البحثية المشاركة، فهم مجموعة من العلماء؛ العامل المشترك بينهم هو توقعاتهم لتاريخ نهاية العالم! وهم الأمريكي (Dorothy Martin) الذي توقع نهاية العالم منذ عام 1954، أما الأمريكي الآخر (Pat Robertson) فقد توقع النهاية في عام 1982 ثم تلتهم الأمريكية (Elizabeth Clare Prophet) التي أدعت أن عام 1990 هو آخر عام على الأرض، و كان للكوري (Lee Jang Rim) نصيب من النبوءات الخاطئة ظناً منه أن نهاية العالم ستكون في عام 1992، و من أوغندا (Credonia Mwerinde) وفرضية غير موفقة حول نهاية الحياة على الأرض التي كان من المفترض لها أن تكون في عام 1999 ،أما الأمريكي الأخير (Harold Camping) فلم يكتفي بتقديم فرضية واحدة فقط بل توقع عدة نهايات متتالية؛ في أعوام 1994، ومارس 2011 وأخيرا في أكتوبر 2011 وكلها كانت فرضيات خاطئة. و كان الهدف من البحث هو تعليم الحذر و التأني عند إقامة الفرضيات الرياضية.
أما جائزة الطب لم تكن أقل من سابقاتها فكان الهدف منها هو التعرف على الآثار التي تحدث عندما يشعر الإنسان برغبة شديدة في التبول وقد وجدوا أن تثبيط الرغبة في التبول يؤدي إلى اتخاذ قرارات صائبة في بعض الأمور بينما يؤثر بشكل سيء على اتخاذ بعض القرارات الأخرى والأهم هو ما ينتج عن هذه الرغبة في التبول من مقاومة لإغراءات النقود!. أما جائزة السلام لعام 2011 لم تكن سلمية على الإطلاق فهي تقترح طريقة “شريرة” للقضاء على السيارات التي تقف في غير الأماكن المخصصة لذلك عن طريق دهسها بالمدرعات المصفحة!.
وفي جائزة علم النفس كانت الإجابة عن هذا السؤال لماذا يتنهد الناس دائما في الحياة اليومية؟! والإجابة أن التنهيد نوع من الاستجابة العاطفية و الفسيولوجية عند مواجهة المشاكل. وفي جائزة الفيزياء كانت الإجابة سؤال آخر لماذا يصاب لاعبو رمي الجلة بالدوار بينما لا يتأثر لاعبو رمى المطرقة؟
أما إذا كنت تهتم ما إذا كان تثاؤب السلحفاة ذات القدمين الحمر معديا أم لا.. اطمئن فهو ليس معديا هذا ما كشف عنه البحث الفائز بجائزة علم الفسيولوجي. و أخيرا جائزة الأمن العام فقد ذهبت إلى بحث يسعى لتحديد كم الانتباه الذي يحتاجه السائق أثناء القيادة، وفي تجاربه قام الباحث الفائز باختبار القيادة على الطرق السريعة أثناء تعصيب عيني السائق!.
و سواء كنا نتفق أو نختلف حول أهمية هذه الأبحاث أو بعضها والنتائج التي تخرج بها فهي بلا شك إضافة علمية ومصدر إلهام للمهتمين من أجل التفكير في المزيد من الظواهر والمشاهدات التي قد تمر على الكثيرين منا مرور الكرام. ونحن في انتظار حفل عام 2012 المقرر عقده في العشرين من سبتمبر على مسرح “ساندرز” في جامعة “هارفارد” لنبتسم و نفكر و نتعلم.