فأنظرو ماذا حدث
قصة جميلة حقا اقرأها وبأذن الله ثوف تتعلم منها الكثر
الوردة البيضاء
كلما أتى العيد تصلني في منزلي وردة بيضاء مجهولة المصدر وقد بدأ هذا الأمر منذ أن بلغت الثانية عشرة ولم أكن أجد كارتا أو إهداء ولم تفلح اتصالاتي المتكررة في معرفة من يبعث بهذه الوردة ؟ وقد كنت أشعر بالبهجة للجمال والعبير الفواح اللذين تتمتع بهما هذه الوردة البيضاء السحرية الرائعة . بيد أنني لم أتوقف عن تخيل صورة من يرسل هذه الوردة وكنت أقضي بعضا من أسعد لحظات حياتي في أحلام اليقظة . وكانت أمي غالبا تساعدني في التخمين حيث اعتادت أن تسألني إذا ما كان هناك شخص ما أبديت نحوه اهتماما خاصا أو أسديته معروف ويريد بدوره أن يظهر امتنانه وتقديره دون أن يظهر نفسه . وقد بذلت أمي قصارى جهدها محاولة إثراء خيالي بشأن صاحب الوردة البيضاء فقد كانت تريد لأبنائها أن يكونوا مبدعين كما كانت تريدنا أن نشعر بالحب والتقدير . وقد حدث عندما كنت في السابعة عشرة أن حدثت لي مشكلة كبيرة وعندها بكيت بكاء مرا حتى غلبني النوم وعندما استيقظت في الصباح وجدت رسالة مكتوبة على مرآتي بطلاء الشفاه الأحمر تقول : ( اعلمي تماما أنه لا يأس على ما فات فما هو آت خير مما مضى ) . وجلست أفكر في هذه الجملة لفترة طويلة وتركته في المكان الذي كتبته فيه أمي حتى تجاوزت هذه المحنة والتأمت جراحي . ولكن كانت هناك جروح لم تستطع أمي أن تداويها فقبل تخرجي من الدراسة الثانوية بشهر توفى والدي فجأة إثر أزمة قلبية . وقد أخذت مشاعري تتدرج من حزن بسيط إلى عزلة ثم إلى خوف وشعور بعدم الثقة والأمان ثم إلى غضب جارف لأن أبى لم يشهد بعضا من أهم الأحداث في حياتي ولم أعد أبالى تماما بمسألة تخرجي المنتظر أو بالمشاركة في المسرحية الكبرى واحتفال آخر العام وهى أحداث لطالما استعددت لها وتطلعت إليها . ونظرا لانغماس أمي في أحزانها لم تشعر بما يعتمل بداخلي من مشاعر الافتقاد والحرمان ولقد حدث قبل وفاة أبى بيوم أن ذهبت معها للتسوق واختيار ثوب لي لأحضر به حفل نهاية العام ووجدنا ثوبا رائعا مصنوعا من القماش السويسري المرقط بالأحمر والأبيض والأزرق ولكن حجمه لم يكن يناسبني وعندما توفي والدي في اليوم التالي نسيت أمر هذا الثوب تماما ولكن أمي لم تنس ففي اليوم السابق لحفلة نهاية العام وجدت الثوب وقد صار حجمه مناسبا ينتظرني وقد لف بطريقة رائعة ووضع على الأريكة الموجودة بغرفة المعيشة ثم قدم إلي بأسلوب جميل يفيض بالحب والحنان وربما لم يكن ارتداء ثوب جديد يعنيني أو يشغل بالي إلا أنه كان يعنيه ذلك فقد أسعدني . لقد كانت تهتم بمشاعرنا نحن الأبناء وقد بثت فينا إحساسا سحريا بهذا العالم ومنحتنا القدرة على رؤية الجمال حتى في وقت الشدائد والأزمات . وفي حقيقة الأمر كانت أمي تريد من أبنائها أن يروا أنفسهم مثل الوردة البيضاء جميلة قوية رائعة وذات عبير ساحر وربما قليل من الغموض . وقد ماتت أمي وأنا في الثانية والعشرين من عمري بعد عشرة أيام فقط من زواجي نفس العام الذي توقف فيه إرسال الوردة البيضاء